الفرق ما بين آلام الدورة الشهرية المعتادة وانتباذ بطانة الرحم) بطانة الرحم المهاجر
تعريب: مي سليمان
يُمكن لمرض انتباذ بطانة الرحم -وهو ما يُعرف أيضًا باسم بطانة الرحم المهاجرة- أن يؤثّر بشدّة على حياة المرأة وعلاقاتها اليومية، حيثُ تُصاب امرأة من كل عشرة نساء بهذا المرض في بريطانيا.
وتتجلّى أعراض هذا المرض بدورة شهرية غزيرة ترافقها آلام مُبرحة، وفي بعض الحالات قد يتسبب هذا المرض بالعقم. ولسوء الحظ، يصعبُ تشخيص انتباذ بطانة الرحم بسهولة، حيث تتشابه أعراض هذا المرض مع أعراض الدورة الشهرية الغزيرة والمؤلمة، مما يؤدي إلى تأخر التشخيص وبالتالي عواقب وخيمة على صحة الحوض.
وفي مقالنا الآتي ستتعرّف النساء على أبرز الفروقات بين الدورة الشهرية المؤلمة وانتباذ بطانة الرحم
ما هو انتباذ بطانة الرحم؟
انتباذ بطانة الرحم هي الحالة التي تبدأ فيها بطانة الرحم بالنمو في أي مكان آخر في منطقة الحوض. الأمر الذي قد يؤثر على المبيضين وقناتي فالوب وأنسجة الحوض.
أثناء الدورة الشهرية المنتظمة، تثخن بطانة الرحم وتتساقط، وفي حالة وجود انتباذ في بطانة الرحم، فإن الأنسجة التي نمت في منطقة الحوض تتكاثف ثم تتحلل وتنزف مع كل دورة شهرية. لكن هذا النسيج لا يوجد لديه منفذ للخروج من الجسم، لذلك يتجمع ويسبب تهيجًا في الأنسجة المحيطة وقد يؤدي في النهاية إلى تّكون أنسجة ندبية.
وقد يُصيبُ هذا المرض أيّ سيدةٍ أو فتاة بعد سن البلوغ، لكنّهُ يُعدُّ أكثر شيوعًا لدى النساء في الثلاثينات والأربعينات من العمر. يمكن استثناء مرحلتين عمريتين من احتمالية الإصابة بانتباذ بطانة الرحم، وهي مرحلة ما قبل البلوغ، والمرحلة التي تلي انقطاع الطمث -أو ما يُسمى بسنّ اليأس- حيث لا تحدث في هذين الفترتين دورة شهرية.
ما هي الأعراض التي يمكن أن تعاني منها النساء خلال الدورة الشهرية المنتظمة؟
تعودُ آلام الدورة الشهرية المنتظمة إلى تقلصات الرحم، حيثٌ عادةً ما يحدثُ أمرين:
- الألم: يبدأ عادةً في اليوم الأول لدورتك الشهرية، ويشتد عندما تكون الدورة في ذروتها. حيث تكون الآلام على هيئة تشنجات في البطن، ألم في الثديين، انتفاخ، وفي بعض الأحيان آلام أسفل الظهر.
- نزول الدم: يمكن أن تزداد كمية نزيف الدم. حيث تفقد معظم النساء أقل من 80 مل من الدم. ويُعتبر نزيف الدورة غزيرًا في حال تجاوز معدل النزف 80 مل.
ما هي أهم أعراض انتباذ بطانة الرحم؟
على عكس الدورة الشهرية، فإن الألم الناتج عن انتباذ بطانة الرحم لا يكون بسبب تقلصات الرحم، بل يعودُ ذلك إلى أنسجة الرحم التي تنمو في مكان آخر في تجويف الحوض، الأمر الذي يسبب الالتهاب يمكن أن ينتج عنه الكثير من الألم.
أما فيما يخص الأعراض التقليدية لانتباذ بطانة الرحم فهي أشبه بدورة شهرية مؤلمة، ولكن هذا الألم عند مقارنته بألم الدورة الشهرية العادية، قد يكون ألمًا أكثر شدة لدى العديد من النساء.
- آلام شديدة: تبدأ آلام الدورة الشهرية الشديدة (والتي تُعرف أيضًا باسم عُسر الطمث) في الحوض على هيئة تقلصات تبدأ قبل عدة أيام من الدورة وتزداد مع قدومها. بعض النساء قد يعانين من الألم قبل 7-10 أيام من الدورة الشهرية وقد يُصاحبه أيضًا آلام أسفل الظهر في بعض الحالات، مع نزيف حاد.
- جماع مؤلم: يمكن أن يؤدي انتباذ بطانة الرحم إلى وجود أنسجة ندبية داخل الحوض، لذلك يمكن أن يرتبط بممارسة الجنس المؤلمة (عسر الجماع) أو الألم بعد الجماع.
- ضعف الخصوبة والعقم: الأضرار التي يمكن أن تسببها بطانة الرحم المهاجرة قد تؤدي إلى إضعاف الخصوبة. الأمر الذي عادة ما يدفع بعض النساء إلى البحث في الأمر، فعندما تعاني النساء من دورة شهرية غزيرة ومؤلمة، فإنهن يميلون إلى البحث عن أعراضهن عبر جوجل، ما يدفعهن إلى زيارة الطبيب عند معرفة أن العقم هو أحد المضاعفات.
والجدير بالذكر أن شدة الألم لا تشير إلى مستوى الحالة. على سبيل المثال، قد يكون لدى المريضة بطانة رحم مهاجرة بدرجة خفيفة ومع ذلك يحدث لها ألم شديد. وبالمقابل، قد يكون لدى أخرى حالة متطورة من المرض ولكن لا تشعر إلا بقليل من عدم الراحة.
كيف يختلف ألم انتباذ بطانة الرحم عن آلام الدورة الشهرية؟
تختلف آلام الدورة الشهرية من امرأة الى أخرى ومع ذلك، فإن الغالبية يصفونه على أنه ألم حاد وتقلصات، في حين تستخدم النساء المصابات بانتباذ بطانة الرحم أيضًا نفس الأوصاف لكن الألم عادةً يكون أكثر حدة. الفرق يكمن في أن الألم الناتج عن انتباذ بطانة الرحم يمكن أن يحدث بشكل منتظم، حتى في غير أوقات الدورة الشهرية.
في حين يمكن السيطرة على آلام الدورة الشهرية العادية باستخدام المسكنات التي لا تستلزم وصفة طبية، كما يمكن أن يكون ألم انتباذ بطانة الرحم شديدًا لدرجة أنه يؤثر على أنشطتك اليومية، وعادةً لا تكون هذه المسكنات كافية لتخفيفه.
متى يجب على المرأة أن ترى الطبيب؟
يجب عليكِ طلب المشورة من الطبيب في حال:
- كنت تعتقدين أن دورتك الشهرية قد تغيرت خاصة فيما يتعلق بالألم وإحساسك بعدم الراحة وأصبحت تؤثر على حياتك اليومية.
- لاحظت تغيرات في دورتك، مثل زيادة النزيف أو حدوثه في أوقات غير معتادة
- لا يعمل الإيبوبروفين والباراسيتامول على تقليل الألم والشعور الراحة
- إن كان لديك حياة جنسية طبيعية، ثم أصبحت ممارسة الجنس تسبب الألم الذي عادة ما يكون عميقًا داخل الحوض.
- إذا كنت تحاولين الإنجاب وتعانين من الأعراض المذكورة أعلاه.
كيف يتحقق الأطباء من وجود انتباذ بطانة الرحم ؟
لا ترتبط شدة الأعراض دائمًا بمستوى الألم، لذلك قد تكون هناك حاجة إلى بعض الفحوصات السريرية.
تتمثل الخطوة الأولى لتشخيص الحالة في الخضوع لفحص الحوض والمسح بالموجات فوق الصوتية. يمكن أن يحدث هذا فقط في المرحلة المتقدمة من انتباذ بطانة الرحم الذي قد يؤثر على المبيضين.
كما يفيد التصوير بالرنين المغناطيسي بتقييم الأنسجة الرخوة والتقاط عقيدات انتباذ بطانة الرحم تلك التي تتماشى مع المهبل والمستقيم.
هناك أيضًا اختبار دم يُعرف باسم CA 125. والذي يستخدم عادة كاختبار فحص سرطان المبيض، لكن هناك بعض الأدلة على أن البروتين CA 125 يرتفع عند النساء المصابات بانتباذ بطانة الرحم. في حين أن وجود مستوى مرتفع من هذا البروتين يؤكد التشخيص إلا أنه ليس دقيقًا تمامًا وستكون هناك حاجة لمزيد من الاختبارات.
يعتبر تنظير البطن الطريقة الأكثر دقة لتشخيص التهاب بطانة الرحم وهو أيضًا الطريقة الأكثر شيوعًا لعلاج الحالات الخفيفة إلى المتوسطة. تتطلب هذه الطريقة يوم واحد وتتضمن إدخال منظار البطن في منطقة السرة من خلال شق جراحي صغير، ذلك لفحص الحوض. ولأن هذا الإجراء لا يخلو من المخاطر، يميل الأطباء إلى القيام باختبارات غير جراحية أولاً.