هل يُمكن أن يُستغل الاعتماد العاطفي في إذائنا؟
تعريب: هاجر الغريب
إنه لأمرٍ طبيعيّ أن نشعر – كبشر – باحتياجنا لبعضنا البعض وباعتمادنا العاطفي على بعضنا البعض في علاقتنا الاجتماعية. ولكن، عندما يتحكم هذا الاحتياج في شخصٍ ما هُنا تظهر المشكلة التي تُسمى الاعتماد العاطفي ، حيث تُسيطر على الإنسان مشاعر الخوف من الفقد، الوحدة أو التخلّي. وقد تتسبب هذه المشاعر في إفساد العلاقات الاجتماعية لهذا الشخص، بل وإنها تُعد مشاعر مَرضيّة من وجهة نظر الطب النفسي.
فالحب لا يعني أن نستسلم دون خضوع أو تحفظات، وعليك أن تُدرك أنه إذا سمحت لشخص أن يقوم هذا الشخص بإيذائك عاطفيًا.
ما هو الاعتماد العاطفي؟
على الرغم من عدم كون الاعتماد العاطفي اضطرابًا نفسيًا في حد ذاته، إلّا أنه قد يؤدي إلى مشاكل نفسيّة عديدة، إلى جانب توّتر في العلاقات الشخصية. وغالبًا لا يُدركون الأشخاص الذين يخوضون علاقات مبنيّة على الاعتماد العاطفي هذا الأمر إلّا عندما تبدأ العديد من المشاكل النفسية في الظهور، مثل الاكتئاب ، الاضطرابات النفسية الجسدية، نوبات القلق واضطرابات القلق
والاعتماد العاطفي يحدُث عندما يستسلم شخص لتحكّم شخص آخر به، ليس فقط في حالة كان يُقدّم هذا الشخص الآخر الآمان والحب، ولكن حتى في الحالات التي يتم فيها الرفض والازدراء لهذا الشخص. وعادةً ما تكون حجة هؤلاء الأشخاص الواقع عليهم الإيذاء العاطفي أنهم لا يُريدون أن يهجرهم الناس.
ومن المهم التفرقة بين الاعتمادية والاعتمادية العاطفية، فالاعتمادية يُمكن أن تتلخص فيما يلي:
- ضعف الاستقلالية فيما يخص أنشطة الحياة اليومية.
- عدم الشعور بالأمان.
- ضعف القُدرة على اتخاذ القرارات.
- قلة القدرة على تحمّل المسئولية.
- صعوبة في التطوير الذاتي.
بالإضافة إلى جميع ما سبق، ففي حالة الاعتماد العاطفي، يستمد الشخص الاعتمادي الرضا والأمان النفسي الخاص به من خلال أدائه العاطفي والتحفيزي تجاه الشخص الذي يعتمد عليه. ولهذا السبب لا يتضمن الاعتماد العاطفي عدم القُدرة أو الحاجة إلى المُساعدة أو الحماية في الجوانب الحياتية الأُخرى.
وتبعًا لبعض الكُتاب النفسيين، يُمكن تعريف الاعتماد العاطفي على أنه نوع من الاحتياجات الأساسية الغير مُشبَعة التي تُجبر الشخص على السعي بإستماتة من أجل إشباع هذه الاحتياجات العاطفية عن طريق الدخول في علاقات مُقرّبة.
من هُم الأشخاص الاعتماديين عاطفيًا؟
يشمل النضج النفسي – إلى جانب أمور كثيرة أُخرى - معرفة قُدرة وحدود الشخص، القُدرة على اتخاذ القرارات بشكل فردي، ومهارة إدراة المشاعر والعلاقات الشخصية.
الشخص الاعتمادي يترك تقديره لذاته تمامًا في أيدي الأشخاص الذين يعتمد عليهم عاطفيًا. وبدلًا من أن يبني تقديره لذاته على معاييره الشخصية، يبنيها على معايير أشخاص أخرين، الأمر الذي يُكسب هؤلاء الأشخاص سُلطةٍ ما على الشخص الاعتمادي.
وتًولّد تقييمات وردود أفعال الأشخاص الآخرين ردود فعل عاطفية حادة من قِبل الشخص الاعتمادي، ويُحدد على أساسها إذا كان شخص مقبول بالنسبة لهم أم لا. يتسبب ذلك له في تقلبات عاطفية كثيرة.
كيف يُمكن تشخيص الاعتماد العاطفي؟
من أجل تشخيص الحالة بشكل دقيق، يجب معرفة الظروف المُحيطة الغير المُهيئة التي أدت إلى حدوث هذه الحالة. وغالبًا ما يقوم الأطباء باسترجاع تجارب الطفولة، من أجل فهم تاريخ علاقات الشخص الاجتماعية. ومن هذه النقطة، يُمكن أن يتدخل علم النفس السريري لعلاج مُشكلة الاعتماد العاطفي بشكل ناجح من خلال:
- تعديل طريقتهم في تفسير المواقف الشخصية.
- السيطرة على مشاعر الخوف والرفض.
- مُساعدتهم على بناء علاقات شخصية صحيّة.
ما هو علاج الاعتماد العاطفي؟
لحسن الحظ، مع علاج نفسي مُناسب، يُمكن للشخص الذي يُريد التغيير حقًا أن يتخلص من مشكلة الاعتماد العاطفي، ويبدأ أخيرًا في الإمساك بزمام حياته والتحكّم في علاقاته الشخصية، إلى جانب استرجاع الحالة المزاجية الإيجابية.
يهدُف العلاج من الاعتماد العاطفي إلى:
- تقوية المصادر التي يُمكن الاعتماد عليها الشخص فيما يخص تقدير الذات، الثقة بالنفس، والقُدرة على الإنجاز الشخصي خارج نطاق العلاقات. ومن أجل تعزيز احترام الذات يجب على الشخص إيجاد الطرق التي من خلالها يُمكن أن يُطوّر ويستبدل النزعة السلبية تجاه تقديره لذاته، من أجل البدء في إشباع احتياجاته وتقدير إنجازاته بشكل كافي.
- إدراك فكرة تأكيد الذات؛ وتأكيد الذات هي قُدرة الشخص على الدفاع عن حقوقه، احترام حقوق الآخرين، التعبير عن الآراء والمشاعر، ورفض الاحتياجات الغير مُناسبة له، وذلك بشكل مُباشر، واضح ومُناسب. وتأكيد الذات في حد ذاتهِ، هو الوسط بين النقيضين: السلبية والاستسلام من ناحية والعدوانية من ناحية أُخرى.
- تشجيع وتوجيه الشخص الاعتمادي على تكوين علاقات عائلية وصداقات صحيّة، إلى جانب العلاقات الرومانسية.
- البدء في مُمارسة الهوايات.