اكتئاب ما بعد الولادة : هل يمكن تجنب الإصابة به؟
بقلم: الدكتورايهاب وهبي
تحرير: ميّ سُليمان
لا شكّ أن المرور بفترة الحمل التي تمتد لشهورٍ طوال هي أشبه برحلة ممتعة، لكن في الوقت ذاته تحملُ في طيّاتها الكثير من المشقّات التي تتجلى في العديد من التغيّرات الهرمونية والفسيولوجية، ثم ما لبث أن تُكلّل في نهايتها بقدوم المولود الجديد لتجد الأم نفسها مُحاطة بقدر أكبر من التحديات التي تُحفّز عندها فيضاً من المشاعر التي هي مزيج من الفرح والإثارة والخوف والقلق. لكن في كثيرٍ من الأحيان قد تتحول تلك المشاعر إلى اكتئاب وهو ما يعرف بمُسمّى: اكتئاب ما بعد الولادة والذي قد يؤثّر على مقدرتها على ممارسة حياتها اليومية بشكلٍ طبيعي، و مقدرتها على الاعتناء بطفلها على حدٍّ سواء، الأمر الذي قد يتحول من شعورٍ عابر إلى اكتئابٍ شديد قد يطول أمده في بعض الحالات ليصبح مُزمناً.
لنقف عند طبيعة الأسباب التي تؤدّي إلى ذلك، وما السبيل لتجنّب اكتئاب ما بعد الولادة ، بالإضافة إلى العلاجات التي تساهم في زواله. أحاطنا الدكتور/ ايهاب وهبة أحد أهم أطباء النساء والتوليد، والاستشاري في اختصاص المسالك البولية النسائية، وجرّاح ترميم أعضاء الحوض
كيف نُعرّف اكتئاب ما بعد الولادة ؟
هو ظهور علامات وأعراض الاكتئاب ما بعد الولادة والتي هيّ مزيج من التقلّبات المزاجية، مشاعر القلق والحزن، الانخراط في البكاء، انخفاض المقدرة على التركيز، والشعور بالإرهاق وأعراض أخرى تتراوح بين الطفيف والشديد.
ما الأسباب التي تؤدي إلى إصابة الأُم باكتئاب ما بعد الولادة؟
لا يُعرف سببٌ محدّدٌ لحدوث اكتئاب ما بعد الولادة، لكن أحد أبرز العوامل المُسبّبة له:
- التغيّرات الهرمونية التي تحدث بعد الولادة والتي تقود إلي تغيّر في مستوي أو عمل المُستقبلات العصبية
- وجود تاريخ مرضي للاكتئاب قبل الحمل وهي من العوامل التي تزيد فرصه حدوث اكتئاب ما بعد الولادة.
- استخدام حبوب منع الحمل التي قد تُحدث تغيرّاتٍ في المزاج.
- وجود أعراض المتلازمة السابقة للحيض.
- الولاده القيصريه.
- وجود أعراض اكتئاب اثناء فتره الحمل.
- عدم إرضاع الطفل طبيعياً.
- وجود مشاكل أسريه، أو صعوبة بالعناية بالطفل مع عدم وجود مُعين للأم خصوصاً عند الأمّهات اليافعات.
- الولادة الأولى للأم.
- وجود تاريخ اكتئاب بالعائلة
كيف أعرف إذا كان ما أعاني منه هو اكتئاب ما بعد الولادة أم مجرّد مشاعر حزن عادية؟
تنقسمُ أعراض اكتئاب ما بعد الولادة لنوعين:
نوع خفيف من الاعراض يُعرف بإسم (Postpartum Blues):
يحدث هذا النوع خلال الأيام الأولى مابعد الولادة ويُشفي ذاتياً. يجب أن تنتبه المرأة لأعراض تلك الحالة لإحتمالية تطورها بشكل مرضى، ومن بين تلك الأعراض:
- ظهور مشاعر الحزن مع حدوث بكاء غير مُبرّر
- الشعور بالضجر
- الإجهاد
- سرعه الإنفعال
- صعوبة النوم والتركيز
النوع الثاني الذي يُعرف باسم اكتئاب ما بعد الولادة (Postpartum Depression):
والذي يحدث خلال الشهر الأول بعد الولادة، وفي بعض الأحيان في السنة الأولى من الولادة.
أمّا أعراضه فهي عبارة عن الأعراض التي سبق ذكرها لكن أكثر حدّة، ولزمن أطول، يُرافقُها شعورٌ بالذنب، وضعف الحيلة للعناية بالقادم الجديد، مع احتمال تطور الامر الي شعور بالرغبة بإيذاء النفس أو الغير. وعادةً يكون هناك تاريخ نفسي مرضي عند الوالدة.
هل بالضرورة أن تصيب هذه الحالة كل الأمهات الجدد؟
- النوع الخفيف: يحدث عند ما يقارب من نصف الوالدات
- النوع الشديد: يحدث عند ما يقارب من ٩٪ من الوالدات
هل يوجد علاج لاكتئاب ما بعد الولادة أم هي حالة تزول بمرور الوقت؟
النوع الخفيف عادةً ما يُشفي ذاتياً مع متابعه الاعراض من قِبل الطبيب، بالإضافة لوجود الرعاية العائلية للوالدة والتي دورها يتجلّى في تقديم الدعم المعنوي والنفسي لها، بالإضافة لمساعدتها بالعناية بالطفل خصوصاً في فتره الليل لإعطائها فرصه كافيه للنوم والراحة. وعادةً لا تحتاج الأم إلى أدويه مُساعدة على النوم باستثناء حالات قليلة.
النوع الثاني يحتاج الي عنايه طبيه مع إعطاء ادويه نفسيه مناسبه لمستوي الاكتئاب او المرض النفسي المشخص بالإضافة الي الخطوات المتبعة بالنوع الخفيف واحتمال استمرار المرض او رجوعه بالحمل المستقبلي عالية.
ما هي مضاعفات اكتئاب ما بعد الولادة؟
في أغلب الحالات من السهل احتواء أعراض المرض، والعمل على علاجه بُمساعدة الرعاية العائلية المُحيطة بالأم و التفاهم الأسري وهذا بدون وجود مضاعفات مستقبليه.
أما في حالات الإكتئاب بعد الولادة العالية الحدّة فمِن المُمكن أن تطول فترة المرض مع احتمال تكرّرها في الحمل التالي، بالإضافة لاحتمالية وجود بوادر عدوانيه من الوالدة إزاء نفسها، أو محيطها في حالة عدم الانتباه للأعراض وإعطاء العلاج المناسب للحالة.
كيف يمكن الوقاية من اكتئاب ما بعد الولادة؟
- دراسة التاريخ المرضي النفسي للحامل بشكل دقيق، مع المواظبة على تناول الأدوية أثناء الحمل فيما يخص الحالات المرضية المُستمرة، إلى جانب إعطاء الرعاية والدعم النفسي المُبكّر بعد الولادة.
- وجود الرعاية والاحتواء العائلي للحامل أثناء فترة الحمل وفترة ما بعد الولادة وذلك من خلال إحاطة الأم بالمشاعر الإيجابية والاحتواء العاطفي لها، وبالتأكيد من خلال أيضاً مساعدتها بالعناية بالمولود الجديد.
أهم النصائح من طبيب النساء والتوليد للأمهات الجدد:
- المُتابعه المُبكّرة للحمل مع إعطاء التاريخ المرضي النفسي للحامل.
- العنايه والاحتواء العاطفي بالحامل من قِبل عائلتها أثناء الحمل وبعد الولادة من اهم العوامل المانعة والمخففة لاكتئاب ما بعد الولادة.
- تخفيف الأعباء والالتزامات العائلية عن الوالدة.
علي الحوامل المصابات بأمراض نفسيه اتباع تعليمات الأطباء النفسيين المعالجين واخذ الأدوية الموصوفة.
في حاله تطوّر أعراض الاكتئاب بعد الولادة او استمرارها لفتره تزيد عن الشهر من الواجب مراجعه الطبيب لأخذ العلاج المناسب.
إذ كان لديكِ المزيد من الاستفسارات فيما يخص اكتئاب ما بعد الولادة يُمكنك حجز موعد مع الدكتور إيهاب وهبه من خلال هذا الرابط.