هل يؤثر فيروس الكورونا على الرجال أكثر من النساء؟
تعريب: هاجر الغريب
تم إثبات – بما لا يدع مجالًا للشك - أن الرُجال هم الأكثر تأثُرًا بفيروس الكورونا عن النساء، حيث نشر مكتب الإحصائيات الوطني البريطاني مؤخرًا معلومات تُفيد بأن نسبة الوفاة من الذكور بسبب الفيروس ضِعف نسبة النساء.
وقد تم مُلاحظة هذا الأمر أولًا في الصين بعد إجراء دراسة أشارت إلى أن نسبة الوفيات في الرجال هي 2.8 %، بينما تبلغ النسبة في النساء 1.7 %. ومُنذ ذلك الحين، تم إجراء العديد من الإحصائيات في فرنسا، ألمانيا، إيران، إيطاليا، كوريا الجنوبية، ومؤخرًا في المملكة كُلها تثبت نفس الشئ.
ولكن السؤال هو، ما السبب وراء ذلك؟ دعونا نُلقي نظرة قريبة على العوامل التي قد تكون سببًا وراء تأثُر الرجال بفيروس الكورونا بنسبة أكبر من النساء.
العوامل التي قد تكون سبب في تأثُر الرجال أكثر من النساء بفيروس الكورونا:
1. التدخين:
وفقًا لمكتب الإحصائيات الوطني البريطاني، فإن نسبة الرجال التي تُدخّن تصل إلى 16.5 % ، في حين أن نسبة السيدات المُدخنّات 13 %. وعليك معرفة أنه إذا كُنت مُدخّن فأنت عُرضة إلى الوفاة بسبب أمراض القلب والرئتين ، كما أن التدخين أيضًا يجعل الشفاء من فيروس الكورونا أكثر صعوبة. كما أشارت هيئة الخدمات الصحيّة البريطانية أن الأشخاص الذين يُعانون من أمراض خطيرة في القلب والرئتين هم الأكثر عُرضة على الإطلاق للإصابة بالفيروس.
2. السمنة لدى البالغين من الرجال:
هُناك علاقة واضحة بين السمنة والتأثُر الشديد بفيروس الكورونا، وقد تم إثبات ذلك من قِبل كبير أخصائيي الأوبئة في فرنسا "البروفيسور جان فرانسوا دلفريسي".
وقد اُجريت دراسة عام 2017 من خلال هيئة الدراسات الاستقصائية البريطانية، أثبتت أن الرجال هُم الأكثر عُرضة لزيادة الوزن أو السمنة أكثر من النساء (نسبة 67.2 % في الرجال مُقارنةً بنسبة 61.5 % في النساء)، وقد يُفسر هذا السبب أن مُعظم مُصابين فيروس الكورونا هُم من الرجال.
ومؤخرًا وُجد أن من بين كل 10 أشخاص مُصابين بالكورونا، هُناك 7 أشخاص تم إحالتهم إلى العناية المُركزة في المملكة بسبب السمنة أو زيادة الوزن.
3. تناول الرجال للكحوليات:
تناول الكحوليات باستمرار قد يكون له يد أيضًا فيما يخص التأثُر بفيروس الكورونا، فتبعًا لمُنظمة Alcohol Change UK الكحوليات عادةً ما تكون عامل مُسبب لـ 60 حالة مرضية مُختلفة، بما في ذلك مشاكل الحلق والفم، كما أنها قد تُسبب الإصابة بسرطان الكبد والثدي، وارتفاع ضغط الدم. كما أشارت منظمة الصحة العامة البريطانية إلى أن من بين الأشخاص الذين يسعون إلى العلاج من إدمان الكحوليات هُناك 60 % من الرجال.
ومن الطبيعي أنه طالما أن الإسراف في شرب الكحوليات يتسبب في الإصابة بالأمراض التي تجعل الشخص أكثر عُرضة للإصابة بفيروس كوفيد 19، فبالتالي من الطبيعي أيضًا أن يكون أكثر من يموتون نتيجةً للفيروس هُم من الرجال.
4. العادات الصحيّة عند الرجال:
قد يكون أحد الأسباب أيضًا وراء التأثُر الشديد للرجال بفيروس الكورونا هو عدم امتثالهم للتدابير الصحيّة اللازمة خلال هذه الفترة مثل غسل اليدين ، وذلك وفقًا لدراسة أُجريت من قِبل "كونيهيرو ماتسوشيتا" من جامعة جونز هوبكنز.
وفي دراسة صينية أُخرى تخص الاختلافات بين الجنسين، وُجد أن مُعظم الرجال الموجودين في المشافي بسبب فيروس الكورونا، يحملون أيضًا فيروسات أُخرى في أجسامهم مثل الأنفلونزا ، إلى جانب أنواع أُخرى من البكتيريا، ومن المُحتمل أن يؤدي ذلك إلى زيادة حِدة الفيروس في أجسام هؤلاء الأشخاص.
5. عوامل جينية:
وفقًا لخبير التكنولوجيا النانوية "دكتور ميشيل ديكنسون"، فإنه على الرغم من أن عادات ونمط الحياة قد يلعب دورًا في مدى تأثُر كلً من الرجال والنساء بفيروس الكورونا، إلّا أن هذا الاختلاف في التأثير يدور بشكل أكبر حول الاختلافات الهرمونية ، المناعية والجينية بالنسبة للجنسين.
ووفقُا لأخصائي المناعة في جامعة اكسفورد البريطانية" فيليب جولدر"، فإنه بفضل الهرمونات الموجودة في أجسام النساء، وخاصةً هرومنيّ كروموسوم X (والذي يوجد منه هرمون واحد فقط عند الرجال) إلى جانب الجينات المناعية، فإن أجسامهن هي الأكثر قُدرة على مُكافحة الفيروس.
مما يعني أن النساء يمتلكن مناعة أقوي لمُحاربة الفيروس عن الرجال، ويُستثنى من ذلك النساء الحوامل، حيث أن استجابة المناعة خلال هذه الفترة لا تكون قوية بالقدر الكافي، كونها تُدافع عن الهجمات الفيروسية والبكتيريه ضد الجنين.
يُمكن أيضًا الوضع في الاعتبار الرشاقة الفطرية للنساء، حيث أنهن يقُمن بحرق غاز الأكسجين أسرع من الرجال عند القيام بمُمارسة التمارين الرياضية، وذلك وفقًا لجامعة واترلو. حيث تستخلص عضلات النساء الأُكسجين من الدم بشكل أسرع، والذي بدوره، يُثبت علميًا، تفوّق النظام الهوائي في جسم المرأة عن الرجل.
الجميع في خطر، والجميع لابُد أن يُشارك في تحسن الوضع الراهن الخاص بفيروس الكورونا:
إن التدخين الذي يُعتبر السبب وراء انتشار العديد من الحالات المرضية من قبل، إلى جانب العوامل السلوكية، أو حتى التفضيلات البيولوجية، كل هذه الأمور قد تكون احتمالات واردة لتفوّق نسبة أعداد الرجال الذين يُتوفون بسبب فيروس الكورونا عن النساء.
ولكن تبقى العديد من الأمور الغامضة حتى الآن فيما يخص الاختلافات بين الجنسين وعلاقة ذلك بفيروس كوفيد 19، على الرغم من أن هُناك العديد من المُلاحظات التي تستوجب الإمعان بها.
وإذا نظرنا إلى الصورة الأكبر، سنجد أن هُناك بالفعل اختلافات بين الجنسين من حيث التكرار، الشدة، وفعالية العلاج بالنسبة لأمراض كثيرة.
ونحن مازلنا بصدد معرفة الأسباب وراء لماذا بعض حالات فيروس كورونا المستجد تشتد بقوة، أو أن يُصاب الشخص بفشل الجهاز التنفسي، أو لماذا يؤدي الأمر أحيانًا إلى الموت بغض النظر عن جنس هذا الشخص، فمازال هُنالك الكثير من التخمينات الغير مُثبتة.
وحتى هذه اللحظة، سواء كُنا ذكور أم إناث، فإن علينا جميعًا مسئولية تقليل احتماليات إصابتنا بفيروس الكورونا أو نقله لأحد الأشخاص. فمن الهام أن يقوم الجميع بواجبه المطلوب (سواء في التباعد الاجتماعي، غسل اليدين والاهتمام بالنظافة، وغيرها ..) من أجل الحد من انتشار الفيروس، لذلك حافظ على صحتك وابق في المنزل