في الأسبوع العالمي للتوعية بمضادات الميكروبات: لماذا تُعتبر مقاومة مضادات الميكروبات مصدر قلق كبير؟
بقلم: ميّ سُليمان
هل تخيّلت يوماً عالماً خالياً من مضادات الميكروبات؟! هكذا سوف يبدو العالم الذي لم تعد تجدي فيه المضادات الحيوية نفعاً:
لن يتمكن الجراحون من إجراء العمليات الجراحية التقليدية خشيةً من العدوى والالتهابات التي ستحصل لعدم توفّر مضادات فعّالة للميكروبات
ما سبق هو مُجرّد مثال بسيط على ما قد يحدث إن استمر الوضع على هذا الحال، حيثُ تُعتبرُ مقاومة الأدوية المُضادة للميكروبات الهاجس الأكبر الذي يشغل معظم العاملين في القطاع الصّحي من الذين يتعاملون بشكلٍ يوميٍ مع الأمراض المعدية، حيثُ تقتلُ مقاومة مضادات الميكروبات ما يُقدّر بـ700 ألف شخص سنوياً ويمكن أن تودي بحياة ما يصل إلى عشرة ملايين شخص سنوياً بحلول 2050.
ومِما يُثير الذعر بوجهٍ خاص الانتشار العالمي السريع للبكتيريا المقاومة لعدّة أدوية أو لجميعها (المعروفة أيضاً باسم "الجراثيم المستعصية") والمسبّبة لحالات عدوى يتعذّر علاجها بالموجود حالياً من أدوية مضادة للميكروبات، مثل المضادات الحيوية.
ماذا نعني بمقاومة مضادات الميكروبات؟
هي مقدرة الميكروبات مثل(البكتيريا، الفطريات، الفيروسات، الطفيليات) على البقاء و التأقلم بشتّى الطرق لملائمة البيئة المحيطة بها على الرغم من إعطاء الجسم أكثر من نوع من المضادات الحيوية فتظهر المكيروبات المقاومة للمضادات بصورة طبيعية مع مرور الوقت عبر التحوّلات الوراثية عادةً وذلك بآليات متنوعة منها إفراز انزيمات تُبطل مفعول المضاد الحيوي أو بتقليل نفاذه إلى داخلها، الأمر الذي سيؤدي لاحقاً لإصابة الأشخاص بسُلالات من البكتيريا منيعة تماماً ضد المضادات الحيوية.
ماهي مخاطر مقاومة مضادات الميكروبات ؟
ذكرنا فيما سبق مثالاً بسيطاً عن الخشية من إجراء عمل جراحي خوفاً من العدوى والالتهابات التي ستطال المريض. لكن الأمر أوسع وأشمل حيثُ ستطول مدة رقود المرضى في المستشفيات وستزداد الحاجة إلى كورسات علاجية متقدّمة ومعقّدة، كما سوف لن يوجد علاج لمرض السرطان حيث أنّ معظم مرضى السرطان بحاجة شديدة للمضادات الحيوية لكي يتمكنوا من البقاء والمقاومة.
ماهي العوامل التي ادت لظاهرة مقاومة مضادات الميكروبات ؟
لم تظهر مقاومة المضادات من تلقاء نفسها، بل كان لعوامل عديدة دور أساسي في ظهورها وتفاقمها مثل:
- التشخيص الخاطئ :
حيث يحصل في بعض الأحيان وصف المضاد الحيوي لمريض لديه عدوى فيروسية لا بكتيرية وبالتالي لا جدوى من وصف المضادات الحيوية لعلاج العدوى الفيروسية، وكلما زاد تعرض الجّسم للمضادات الحيوية زاد احتمال حدوث طفرات وظهور سلالات مقاومة للمضادات.
- التناول غير المنتظم للجرعات :
حيث لايلتزم المريض بالجرعة المحددة من قِبل الطبيب، وكذلك عدم التقيّد بمواعيد الجرعات او عدم اكمال الجرعات كأن يتوقف المريض عن متابعة الدواء عند الشعور بالتحسن أو تناول المُضادات بلا وصفة طبية.
- انتقال سلالات الميكروبات المقاومة من الحيوانات الى الانسان :
عند اعطاء المضادات لحيوانات مثل الأبقار والدواجن مثلاً بشكل مفرط يؤدي هذا الأمر لظهور سلالات مقاومة من البكتيريا، ستصلحتماً إلى أجسام البشر عندما يتناولون لحومها وألبانها، الأمر الذي سيودي إلى ظهور سلالات مقاومة من البكتيريا لدى الانسان.
- انتشار المياه الملوثة، والنقص في لوازم النظافة للبشر والحيوانات على السواء :
حيث يؤدي الافتقار إلى المياه النظيفة ووسائل الصرف الصحي الى انتشار أشكال العدوى المقاومة للأدوية.
- تفشّي الاستخدام الخاطئ للمضادات أثناء جائحة كوفيد 19 :
تُعتبرُ جائحة كوفيد-19 ذات منشأ فيروسي لا بكتيري وبالتالي ينبغي ألا تُستخدم المضادات الحيوية للوقاية من العدوى الفيروسية أو معالجتها، إلا إذا تزامنت مع عدوى بكتيرية، ولكن تشير الاحصاءات إلى تفشي الاستخدام الخاطئ للمضادات أثناء علاج كوفيد19.
ما هيّ الاجراءات والنصائح الضرورية لمواجهة مقاومة مضادات الميكروبات ؟
في بادئ الأمر على الأشخاص عدم تعاطي المضادات الحيوية إلا بناءً على وصفة طبية، كما يجب إتّباع إرشادات الطبيب وإكمال مدة العلاج كاملةً وعدم زيادة الجرعة او انقاصها أو تخزين الدواء، أيضاً الاهتمام بالعناية بالنظافة الشخصية تعمل على تقليل احتمال العدوى، وبالتالي تقلّل الحالات المرضية والحاجة لاستعمال المضادات الحيوية. أما التفصيل الأهم فهو تناول المضادات الحيوية في الحالات التي تتطلب ذلك حصراً، و بيان الجرعة المناسبة والمدة المطلوبة بشكل واضح للمريض.وبالطبع يقع على عاتق الحكومات والمؤسسات الدولية مهمّة دعم أبحاث المضادات الحيوية، وتمويلها من أجل اكتشاف مضادات حيوية جديدة تكون قادرة على التعامل مع السلالات المقاومة .